سناء الماجري
أعلنت نهاية الاسبوع الفارط مجموعة من الشباب عن تأسيس جمعية «فورزا تونس» وأكد رئيس الجمعية سهيل بيوض أثناء مداخلته، ان القانون 52 الصادر سنة 1992 والمتعلق بمادة القنب الهندي المعروفة باسم الزطلة، يشكل اداة من ابشع ادوات القمع والاستبداد، وطالب بيوض بالبدء الفوري في حوار وطني شامل ومستقل يجمع اطباء مستقلين ومختصين وعلماء اجتماع ورجال قانون ومشرعين ومكونات من المجتمع المدني ومستهلكي هذه المادة، وطالب بيوض لنجاح هذا الحوار التعليق الفوري لهذا القانون لأن مستهلكي الزطلة ماهم الا ضحايا لنظام بن على حدّ قوله. من جهة اخرى ندّد سهيل بيوض بالتوظيف السياسي لهذه القضية الحساسة والتي تمس عشرات الألاف من المساجين ومئات الآلاف من المستهلكين، وحمّل رئيس جمعية فورزا تونس المسؤولية كاملة للمجلس التأسيسي الذي تعمّد تجاهل كل الاقتراحات الجدية التي تقدّمت بها بعض المنظمات الدولية والمحلية لمراجعة هذا القانون . واكد بيوض ان الجمعية لا تساند استهلاك الزطلة لكنها ضدّ القانون الذي يقضي بسجن مستهلك الزطلة مضيفا ان هذه المادة غير مضرّة بالجسد كغيرها من المواد المخدرة الاخرى وهو ما اثبته العلم مشيرا الى ان هناك تغييب متعمد للرأي العلمي في الاعلام . وذكر ان نسبة الشباب المستهلك للزطلة بلغت 47 بالمئة والمفروض هو ايجاد حل لهؤلاء لا تهديدهم بالسجن ومعاقبتهم. أخبار الجمهورية، كانت حاضرة في ندوة الاعلان عن تأسيس هذه الجمعية والتقت ببعض الذين يستهلكون مادة الزطلة وكان لها هذا اللقاء معهم.
محمود: القي القبض عليّ خمس مرات وابي دفع الرشوة لانقاذي من السجن
محمود رابور كان اول من تحدثنا اليه، اكد لنا انه يستهلك مادة الزطلة منذ حوالي 13 سنة اي منذ سن الحادية عشرة، مضيفا أنه مرّ بظروف عائلية قاسية بسبب انفصال والديه اضافة الى كونه مصاب بمرض عصبي مما اضطره الى الالتجاء الى مادة الزطلة للتأقلم مع هذه الظروف حدّ تعبيره، واشار محمود الى ان الدواء الذي يستعمله لتهدئة اعصابه مفعوله اقوى من الزطلة لذلك خير الحلّ الثاني هروبا من تناول دوائه، وواصل قائلا:» اصدقكم القول اني تعلمت تدخين الزطلة قبل السجائرواؤكد لكم ان هذه المادة ساعدتني في فني وفي حياتي حيث صرت اكثر هدوءًا ومرونة في التعامل مع الناس، كما اني لا افتعل المشاكل بعد تدخين الزطلة، لذلك اطالب اليوم كغيري من الشباب الذي يستهلك هذه المادة بالغاء عقوبة السجن والتخفيف في مبلغ الخطية لاننا لا نستطيع دفع مبلغ الالف دينار، ولما لا تكتفي الدولة بمبلغ رمزي كعقاب لا غير على غرار ما فعلته الاورغواي مؤخرا، حيث الغت العقوبة وهو ما كان سببا في تقلص نسبة الاستهلاك «. وذكر محدثنا انه تم القاء القبض عليه خمس مرات لكنه تمكن من الافلات من العقاب بعد ان اضطر والده الى دفع «الرشوة» وختم بقوله:» لماذا تسمح الدولة للشعب بشرب الخمر الذي له مفعول اخطر من الزطلة في حين تمنع هذه المادة «.
حسن: المسلسلات التركية لها مفعول اقوى من الزطلة
من جهته بيّن لنا حسن المبزع وهو كهل في سن ال65 سنة انه يدخن مادة الزطلة منذ 40 سنة مبررا ذلك بظروفه الاجتماعية وانفصاله عن زوجته وحرمانه من ابنه، حسن المبزع ذكر انه كان يعيش خارج حدود الوطن وتحديدا في كل من لندن وباريس وميلانو وهي الأماكن التي تنقل فيها مشيرا الى انه كان يستهلك زطلة ذات جودة عالية لكنه فوجئ منذ استقراره في تونس بنوعية سيئة من هذه المادة، مضيفا انه تعلم تدخين هذا المخدر عن طريق بعض الاصدقاء وفي جلسة خاصة نافيا ان يكون استهلاكها ادمانا ومؤكدا انها تساعد الشخص على التأقلم مع ظروفه الاجتماعية لا غير واردف قائلا:» اعتقد ان المجتمع التونسي غبي فمن جهة يستنكر اقدام البعض على استهلاك الزطلة ومن جهة اخرى يدمن على مشاهدة المسلسلات التركية التي لها مفعول اقوى من الزطلة وتمرر رسائل للناشئة في غاية الخطورة، عموما نحن نطالب بالغاء عقوبة السجن وبمعالجة ومراجعة هذا القانون الزجري والغبيّ، مع العلم اني لم اسجن طيلة حياتي لاني لا افتعل المشاكل ولا سوابق عدلية لي كما اني لا اسرق ولا اسطو على املاك الغير، وعلى جميع شرائح المجتمع ان تستمع الينا وتفهمنا«.
فتحي: سجنت مرتين ولست نادما
على عكس عمّ حسن ومحمود، فتحي سجن مرتين على خلفية استهلاكه لمادة الزطلة، كما انه فقد وظيفته ورغم الخسائر المادية والمعنوية التي لحقته فانه اكد لنا انه لن يقلع على استهلاك هذه المادة مبررا ذلك بأنه يصبح اكثر هدوءا بعد تدخين سجائر الزطلة و اجتماعيا وذكر محدثنا ان القاء القبض عليه في المرة الاولى كان في منطقة باب جديد حيث كان يبحث عن السجائر في ساعة متأخرة من الليل وبتحول دورية امنية نحوه تم التفطن الى كونه «مزطولا» وبعد اجراء التحاليل تبين احتواء دمه على نسبة من هذه المادة فسجن مدة سنة، وبمغادرته السجن تشاجر في احد الايام مع جاره فوشى به وسجن مرة ثانية، واشار فتحي انه يستهلك هذه المادة منذ 15 سنة وانه انقطع عن ذلك عدة مرات لكنه عاد مجددا الى استهلاكها مؤكدا انه لم يشعر يوما بالندم لأنه لم يقترف اية جريمة بتدخينه للزطلة ، واشار فتحي الى ان قانون سجن مستهلكي الزطلة هو قانون ظالم ومدّمر وعلى الدولة مراجعته. ونفى محدثنا ان تكون مادة الزطلة متوفرة في السجن كما يروجه البعض.
سنية: المجتمع التونسي رفض مواجهة الحقيقة
ختام جولتنا كان مع السيدة سنية الواتي ناشطة في المجتمع المدني، والتي افادتنا انها تهتم بكل المشاكل التي يمكن ان يتعرض اليها الشباب ولعل ابرزها مسألة استهلاكه للزطلة، كما اعتبرت قانون سجن مستهلكي الزطلة ظالم ومن شأنه ان يخلق من شاب لم يتجاوز عمره ال17 سنة مجرما او يعرضه الى الاعتداء الجسدي او الجنسي داخل السجن وبذلك يكون قرار سجنه اخطر من استهلاكه للزطلة ، وذكرت محدثتنا ان الاشكال يكمن اليوم في ان المجتمع يرفض مواجهة الحقيقة والاعتراف بوجود 47 بالمئة من الشباب التونسي يستهلكون هذه المادة ومن المفروض ايجاد حلول عاجلة لهم عوض سجنهم، كما اكدت ان الشعب التونسي بات يعيش عزلة ويرفض الحديث عن مشاكله الحقيقية كالفقر والتهميش، وقد عمقت البرامج التلفزية هذه الهوة فهي تتحدث في نفس المواضيع السياسية متجاهلة المشاكل الحقيقية للمجتمع . من جهة اخرى اكدت السيدة سنية ان التجاء الشباب الى استهلاك الزطلة سببه احساسهم بالغربة داخل عائلاتهم اضافة الى الفجوة الرقمية التي احتلت وسيطرت على العائلات التونسية مبينة ان النظام التعليمي ساهم هو الآخر في التجاء الشباب الى هذا الحلّ. واستنكرت محدثتنا مسألة تمتيع التلاميذ بساعات راحة بين المواد مؤكدة ان معظم الشباب يستهلكون الزطلة خلال تلك الساعات. وفي الختام بينت سنية الواتي أن الازمة متشعبة جدا وتتطلب حوارا وطنيا ووقفة تأمل وحلولا جذرية متساءلة عن دور الثقافة التي بات غيابها كليا دورها أثر على الشباب لأنّها تساهم في بناء شخصية قوية لديهم وختمت بقولها: لقد بات الشباب يعاني من التهميش في كل المجالات ومن الطبيعي وسط كل هذا الفراغ ان يلتجأ الى حلول قد يراها هو مجدية.
شهادات حيّة نقلناها لكم بكل أمانة رغم اننا لا نتفق مع اصحابها في اكثر من نقطة ولا نشجع بطبيعة الحال الشباب على استهلاك هذه المادة المخدرة التي تجعله يهرب من واقعه ويتجنب مواجهة مشاكله. ويذكر وحسب المعلومات التي صرّح بها رئيس الجمعية التونسية للوقاية من تعاطي المخدرات عبد المجيد الزحاف ان القضاء يدرس حاليا امكانية الغاء العقوبات السجنية بالنسبة لمستهلكي الزطلة في تونس و استبدالها ببرنامج علاجي.
article publié ici le 9 avril 2014
Follow Us